تخطي للذهاب إلى المحتوى

تاريخ القهوة


قصة القهوة

 تبدأ قصة القهوة منذ قرون بعيدة، في جبال إثيوبيا حيث يُقال إن راعيًا يُدعى كالدي لاحظ نشاطًا غير معتاد في قطيع ماعزه بعد أن تناولت حبوبًا حمراء من شجرة غريبة. أثار ذلك فضوله، فأخذ بعض الحبوب إلى أحد الرهبان في الدير القريب، الذي استخدمها لتحضير شراب ساعده على السهر والتأمل أثناء صلاته الليلية. من هناك، انتقلت القهوة إلى اليمن عبر البحر الأحمر، فأصبحت جزءًا من حياة المتصوفين في مكة وعدن الذين استخدموها للبقاء متيقظين أثناء العبادة. وسرعان ما انتشرت إلى بلاد الحجاز ومصر وتركيا، ثم إلى أوروبا في القرن السابع عشر، لتتحول من مشروب غامض إلى ثقافة عالمية تجمع الناس حول فنجان واحد. وهكذا، لم تكن القهوة مجرد اكتشاف عابر، بل رحلة من الأرض إلى الروح، تحمل في كل رشفة منها حكاية حضارات، ودفء لقاء، وعبق تاريخ طويل من الشغف الإنساني .


العرب والقهوة

العلاقة بين العرب والقهوة عميقة وواسعة، تمزج بين الثقافة والتاريخ والهوية، إلى درجة أن القهوة أصبحت جزءًا من التراث العربي الأصيل، ترمز إلى الكرم والضيافة والتجمعات. إليك شرح شامل لهذه العلاقة من جوانبها التاريخية والثقافية والاجتماعية:

أصل القهوة وبداياتها في العالم العربي

يُعتقد أن أصل القهوة كان في اليمن في القرن الخامس عشر، حيث تم تحميص حبوب القهوة وطحنها لأول مرة لتحضير مشروب منشط.

انتشرت القهوة من اليمن إلى الحجاز، مكة، والمدينة، ثم إلى مصر والشام عبر طرق التجارة والحجاج.

في البداية، كان تستخدم من قبل الصوفية في اليمن والحجاز لمساعدتهم على البقاء مستيقظين والانخراط في الذكر خلال الليل.

من هناك، انتقلت إلى شبه الجزيرة العربية ثم إلى إسطنبول وأوروبا من خلال التجار العرب والعثمانيين، حتى أصبحت مشروبًا عالميًا.

القهوة كرمز في الثقافة العربية

القهوة والضيافة العربية

في الثقافة العربية، كانت القهوة دائمًا رمزًا للضيافة والكرم؛ تُقدَّم القهوة العربية التقليدية فقط كتعبير عن الشرف والاحترام للضيوف.

“القهوة زينة المجالس”،

مما يعني أنه علامة على الدفء والكرم والترحيب.

في الصحراء، يتم تحضير القهوة وفقًا لطقوس دقيقة وعريقة - تُحمص الحبوب، وتُطحن في هاون، ثم تُغلى في دلة (إبريق القهوة العربي). الكوب الأول يُقدم دائمًا لأكثر الضيوف احترامًا.

ترتيب تقديم الأكواب يحمل معنى رمزيًا:

  • الأول يسمى "فنجان الحيف" - المضيف يشربه ليظهر أن القهوة آمنة.

  • الثاني هو "فنجان الضيف" — كوب الضيف.

  • الثالث هو "فنجان الكيف" — كوب المتعة.

  • الرابع هو "فنجان السيف" - فنجان التحالف أو القسم، يرمز إلى الولاء والوحدة.

القهوة العربية كهوية وتراث

يتم تحضير القهوة العربية من حبوب محمصة قليلاً وتُغلى مع الهيل والزعفران، وتُقدم في دلة وأكواب صغيرة.

يميزه لونه الذهبي أو الفاتح عن القهوة الغربية الداكنة.

تم تسجيل القهوة العربية وطقوس تقديمها في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو في عام 2015 كتراث مشترك بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان.

اليوم، لا تزال القهوة رمزًا رسميًا في المناسبات الوطنية والاجتماعية، تُقدَّم في حفلات الزفاف، والجنازات، والزيارات الرسمية.

القهوة في الحياة الدينية والاجتماعية

لقد ساعدت القهوة العلماء والمتصوفين على البقاء مستيقظين للعبادة والدراسة.

لقد أصبحت رمزًا للتجمعات الفكرية والأدبية، منتشرة في المقاهي حيث كانت تُعقد المناقشات الثقافية في القاهرة ودمشق وصنعاء ومكة منذ القرن السادس عشر.

كانت هذه المقاهي هي الأماكن الأولى لتبادل الأخبار والأفكار في العالم الإسلامي.